سم الله الرحمن الرحيم: موقعها حيث لا يراك أحد إلا الله.. ليس فيها صدى أصوات!! ولا يطاق ولا يتصور أن يطلع عليك أحد من الخلق!!
كل جدرانها صفاء!!
حتى أرضها صفاء!!
أي شائبة من ذكر الخلق أو احتمالية ثنائهم تعكر صفو هذا الصفاء!!
أنت فيها وحدك.. نعم.. مع الله وحدك!!
ترجوه.. تتذلل إليه أن يتقبل عملك خالصًا لوجهه الكريم!!
يبكي قلبُك خوفًا ووجلًا أن يرد الله عليك عملك!!
إنها فرصتك الوحيدة بأن تنتقل بهذا الصفاء إلى متانة الصراط تحت قدميك يوم القيامة!!
تتمنى ألا يخالط قلبك ذكر الخلق أو ثنائهم؛ حتى لا يضيعوا عليك هذه الفرصة!!
فأنت في لؤلؤة من صفاء!!
تتنزل عليك سكينة الخلوة بخالقك!!
فتكشف عن عورات نفسك دون خوف!!
تطرحها أرضًا بين يدي الله!!
يارب هذه مهلكاتي أشكوها إليك!!
فليس لي منها خلاص إلا بحولك وقوتك وحدك لا شريك لك!!
يارب.. ضعيفٌ.. فقوي في رضاك ضعفي!!
مسكينٌ.. ردتني جميع الأبواب.. ولم يبق لي إلا بابك!!
تموج بي فتن الدنيا، وليس لسفينة حياتي أمانٌ إلى بشاطئ عفوك ورضوانك!!
ليس لي من خير إلا ما وفقتني إليه برحمتك!!
وشرور نفسي تغالبني صباح مساء.. وليس لي منها منجى إلا بقوتك!!
يارب.. نظرت خلفي فلم أجد إلا تقصيري يغالبني عن المضي قدمًا في طلب عفوك ورحمتك!!
ونظرت أمامي فلم أجد إلا جهلًا بمستقبل أيامي!!
ونظرت عن يميني فلم أجد إلا حقوق الأهل والخلق تشدني إلى الأرض بمشاغلها!!
ونظرت عن شمالي فلم أجد إلا فتن الدنيا وشهواتها!!
ونظرت تحت قدماي فأيقنت أنني لا زلت أحيا على ظهر أرض لا تُأمن على حيٍ فيها الفتنة!!
فنظرت إلى السماء، فرفعت يدي بالدعاء إليك في عليائك!!
يارب.. أنقذ عبدًا ضعيفًا حقيرًا غلبته فتن الدنيا؛ فلم يجد ما يُقدم به عليك من العمل الصالح إلا محض الرجاء في رحمتك!!
يارب.. لم يصدقني صدق توبتي إليك.. فعاودت الوقوع في معصيتك.. وهذا مثار رعبي وخوفي!!
يارب.. ما وفقتني إليه من عمل صالح، خالطت قلبي فيه شوائب العجب وحب الثناء، فلا أدري هل بقي لي أم صار وزرًا علي؟!
فرحماك بعبد خارت كل قواه في الحفاظ على إخلاصه لك في عمله!!
يارب.. تصورت أهوال الآخرة، فاستحال عقلي تصور نفسي بين أهوالها وفظائعها وأنا على هذه الحال من التقصير والتفريط في حقك!! فماذا أنت فاعل بي غدًا وليس لي إلا رحمتك؟!
يارب.. فات قطار الدنيا السريع مني بين أمنيات وتمنيات بصلاح العمل، ولم يبق في صحيفتي إلا الغفلة وضياع العمر في اللهو والعبث!!
فلا طلب الموت يسعفني خوفًا على مصيري من فرط تقصيري!! ولا الرغبة في البقاء على هذه الحال من فرط الزلل تستهويني!! وليس لي إلا خالص الرجاء في واسع رحمتك أن تنتشلني بعفو كرمك من فرط عملي وتقصيري!!
وأن ترزقني طهارة القلب من فتن الشهوات والغفلات.. ومن سرقة سكينة أمنياتي وأحلامي، توقظني وتهديني..
يارب.. هذه كل نفسي.. بل هذا فرط شري.. وهذا عجزي وضعفي بين يديك.. فهل لمثلي أن يطمع في واسع مغفرتك وعفوك.. ويتجرأ على طلب محو ذنوبي.. وللصراط المستقيم ترزقني وتهديني؟!
هذه ساحتك يارب.. ألقيت فيها بين يديك كل آمالي.. على ما كان من شرور نفسي وتفريطي وتقصيري..
فامنن عليَّ بعفو منك يا أملي.. فإنني في دروب دنياك ضائعٌ.. إلم تأخذ بيدي وتهديني!!
الكاتب: أبو مهند القمري
المصدر: منتديات عناقيد الأدب